المحور الشمالي.. أماكن الحشد العسكري الإسرائيلي

Standard

هذا التحقيق يكشف أماكن تمركزات الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة وعدد آلياته العسكرية في محيط منطقة مفكيم، وهذا عبر المصادر المفتوحة للمعلومات وصور الأقمار الصناعية.

الصورة السابقة قمت بالتقاطها من خرائط جوجل بتاريخ 15 سبتمبر 2022، الآن دعونا نقارنها بمصورة القمر الصناعي الملتقطة بتاريخ 15 أكتوبر 2023، هل تلاحظون الفرق بين الصورتين؟ هل تلاحظون أماكن حشد قوات الجيش الإسرائيلي؟

دعوني أوضحها بشكل أكثر تفصيلًا..

أولًا: الحشد رقم 1

منطقة مفكيم، الموقع الجغرافي 31°37’1.06″N 34°34’53.23″E

تظهر صورة 15 أكتوبر 2023 تطابق موقع الحشد رقم 1 مع صورة سبتمبر 2022، ويقع بالقرب من قوات هذا الحشد الطريق رقم 4 بسعة طريق عدد 4 حارات (حارتين في كل اتجاه)

السؤال الآن كم عدد القوات في هذا الحشد؟

باحتساب عدد الآليات العسكرية المتجمعة في الحشد رقم 1، نجد أن العدد في حدود 230 آلية متنوعة بين دبابات ميركافا وجرافات ومدرعات وغيره.

هذا الحشد تحديداً يتوفر عنه صور من الأرض نشرها بعض الصحفيين والمراسلين من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفق خرائط موقع جوجل يقع موقع الحشد رقم (1) على بعد 7 كيلو و700 متر من معبر إيرز على الحدود مع قطاع غزة.

وهذا في حالة قيام هذه القوة بمحاولة استخدام الطريق رقم 4 كطريق عمليات ونقطة عبور للقطاع.

ثانيًا: الحشد رقم 2

يقع أيضًا في منطقة مفكيم، الموقع الجغرافي 31°36’19.68″N 34°34’5.75″E

تظهر صورة 15 أكتوبر 2023 تطابق موقع الحشد رقم 2 مع صورة سبتمبر 2022، ويقع بالقرب من هذه القوات الطريق رقم 4 بسعة 4 حارات، والطريق رقم 3411 بسعة حارتين

الآن كم عدد القوات في هذا الحشد؟

باحتساب عدد الآليات العسكرية المتجمعة في الحشد رقم 2، نجد أنه في حدود 300 آلية متنوعة بين دبابات ميركافا وجرافات ومدرعات وغيره.

وفق خرائط موقع جوجل يقع موقع الحشد رقم (2) على بعد 5 كيلو و700 متر من معبر إيرز على الحدود مع قطاع غزة في حال استخدم الطريق رقم 4.

أما في حالة استخدام الحشد رقم (2) للطريق رقم 3411 فإن المسافة اللازمة للوصول إلى قاعدة #زيكيم العسكرية تبلغ 6 كيلو و500 متر تقريبًا، ثم تنطلق للحدود.

إذن الآن يمكننا معرفة العدد الإجمالي التقريبي للقوات بـ 500 آلية عسكرية، تم حشدها على المحور الشمالي لقطاع غزة وقسمت على نقطتي تمركز كلاهما يطل على الطريق رقم 4، والفرق بين النقطتين حوالي 1600 متر.

أعتقد أن هذه القوات تتبع للواء 401 التابع للفرقة 162، ومعززة باللواء 89.

إلى هنا ينتهي هذا التحقيق الذي يكشف عن الموقع الجغرافي لأماكن حشد القوات الإسرائيلية شمال قطاع غزة، وعدد الآليات العسكرية ومحاور تحركها المحتملة.

أتمنى أن يسهم هذا التحقيق في وقف المجازر بحق الأبرياء في غزة، حيث يأتي بعد مذبحة مستشفى المعمداني بتاريخ 17 أكتوبر 2023.

…………..

هيثم غنيم 

الجمعة 20 أكتوبر 2023

جريمة حرب.. إعدام أسرى فلسطينيين

Standard

بتاريخ 10/10/2023 نشرت وزارة الدفاع الإسرائيلية فيديو يظهر تصفية جسدية لأربع أسرى فلسطينيين في المنطقة الشمالية لقطاع غزة.

في هذا التحقيق المعتمد على المصادر المفتوحة تمكنت من تحديد وقت إعدام الأسرى بين الساعة 2:30pm إلى 3:30pmبعد استسلامهم، فكيف تم هذا؟

كان أول رصد لهذه الجريمة عبر مجموعة تيليجرام تابعة لمستوطنين إسرائيلين الساعة 4:40pm من يوم الثلاثاء 10 أكتوبر 2023، الملاحظات الأولية في الصور المنشورة هو إعادة ترتيب مسرح عملية القتل.يمكنكم بسهولة ملاحظة آثار سحب الجثمان الرابع في يسار الصورة على الرمال + موضع الأسلحة.

لاحقًا وفي نفس اليوم قامت وزارة دفاع إسرائيل بنشر هذا الفيديو الذي يظهر تفاصيل عملية قتل الأسرى غير المسلحين، وهو ما دفع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان لقول:

تظهر اللقطات أفرادا غير مسلحين يرفعون أيديهم قبل أن يقوم جنود الجيش الإسرائيلي بإعدامهم

للتحقق من ذلك قمت بالاعتماد على الفيديو الذي نشرته وزارة الدفاع الإسرائيلية. الفيديو يظهر في الثانية رقم 30 استسلام الأسرى الأربعة وهم يرفعون أيديهم لأعلى ملوحين بملابسهم العلوية دلالة على الاستسلام.

من خلال الصورة التالية يمكنكم أيضا ملاحظة أنهم لم يكونوا يحملوا أي أسلحة

بمقارنة لحظة استسلام الأسرى الفلسطينيين في فيديو وزارة الدفاع الإسرائيلية وقطع الملابس التي يلوحون بها، مع الصورة التالية التي نشرت عبر مجموعة التيليجرام التابعة للمستوطنين الإسرائيليين يمكنكم بسهولة ملاحظة قطع الملابس التي كان يلوح بها الأسرى بجوار جثامينهم بعد تصفيتهم.

الآن:

– أولًا قمت بتحديد الموقع الجغرافي لإستسلام الأسرى في منطقة زكيم الفلسطينية وتحديدًا في النقطة

31°35’49.49″N 34°29’49.13″E

– ثانيًا قمت بتحديد اتجاه ظل الأسرى لمعرفة الوقت التقريبي الذي حدثت فيه عملية استسلامهم ثم تصفيتهم جسديًا من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.

وفق كل ما سبق نستطيع حاليًا تحديد الوقت التقريبي لاستسلام الأسرى الفلسطينيين ثم تصفيتهم جسديًا عبر قوة الجيش الإسرائيلي، وهذا عبر استخدام موقع SunCalc.

عبر الموقع يمكننا تحديد وقت الإعدام ما بين الساعة 2:30pm إلى 3:30pm، وهذا بناء على اتجاه الظل في النقطة الجغرافية المحددة.

بعد إثبات واقعة الاغتيال وتوقيته، حاولت التعرف على بعض مرتكبي جريمة التصفية الجسدية من قوات الجيش الإسرائيلي لعل هذا يفيد الجهات المختصة في المستقبل.

من خلال فيديو وزارة الدفاع الإسرائيلية ظهر جنديان بشكل أساسي، حاولت تحسين جودة صورهم عبر الذكاء الاصطناعي. عبر الصور بالأسفل

عبر استخدام تقنيات التعرف على الوجوه، وجدنا لواحد منهم صورة أخرى يشتبه أنها تعود إليه وقد تم نشرها عبر صحف إسرائيلية في عام 2022.

لم استدل على اسمه حتى الآن، ولكني قمت بتضمين هذه الصور هنا لعلها تساعد مستقبلًا الباحثين المتخصصين في جرائم الحرب ومرتكبيها.

إلى هنا ينتهي هذا التحقيق، والذي يكشف توقيت جريمة حرب ارتكبتها قوات الجيش الإسرائيلي التي تظن أنها فوق المحاسبة.

…..

هيثم غنيم

الجمعة 13 أكتوبر 2023

الدقة المعلوماتية لأجهزة الأمن المصرية وممثليها.. اتحاد قبائل سيناء نموذج

Standard

بتاريخ 22 و24 أغسطس 2023 نشر حساب اتحاد قبائل سيناء على تويتر تغريدتين بصورة قال إنها لـ “عبد الرحمن أبو دية” كمتحكم في إعلام الإخوان، ولكن وبالتحقق من الصورة وجدت أنها تعود لشخص آخر، فمن هو؟!

تظهر نتائج البحث العكسي عن الصورة عبر المصادر المفتوحة مثل محرك البحث التابع لجوجل وغيره أنها تعود لشخص اسمه “صباح المختار”، ووفق موقع البي بي سي، فهو محامي وناشط حقوقي ورئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا، تنقل بين دول العراق والإمارات ثم بريطانيا.

المصدر

https://www.bbc.com/arabic/tv-and-radio-40988450

ووفق لقاء له على قناة الحوار في لندن، فإنه من مواليد دولة العراق عام 1942 ميلادي، واستقر في لندن منذ عام 1979 م وحتى الآن.

المصدر

إذن نحن الآن وبشكل سهل وليس بمعقد استطعنا الوصول إلى أن الصورة التي نشرها حساب اتحاد قبائل سيناء عبر هذه التغريدة

وهذه التغريدة

ليست صورة “عبد الرحمن أبو دية”، بل هي صورة شخص آخر اسمه “صباح المختار”.

يذكر أن اتحاد قبائل سيناء يرأسه “إبراهيم العرجاني” المعروف بقربه من الأجهزة السيادية، وقد شكل الاتحاد من قبل الأجهزة الأمنية للمساعدة في العمليات العسكرية في شبه جزيرة سيناء، وقد تورط أفراد الاتحاد في عمليات تحقيق غير قانونية وتعذيب وتصفية جسدية بعضها تم برفقة قوات من الجيش كما يظهر في هذا التسريب قوة من الجيش رفقة بعض أفراد اتحاد القبائل يرتدون زي عسكري ويقومون بتنفيذ اعدامات خارج إطار القانون لمحتجزين مقيدي الأيدي ومغمى أعينهم.

لذلك تخيل معي عزيزي القارئ أن الأجهزة الأمنية وممثليها قاموا بنشر صورة “صباح المختار” تحت اسم شخص آخر “عبد الرحمن أبو دية” المطلوب لديهم، مما يعنى أنه لو قام المحامي “صباح المختار” بزيارة مصر فإنه قد يجد نفسه قيد التحقيق وربما المعاملة غير اللائقة والاختفاء القسري بتهمة أنه شخص آخر.

ولعل هذا أبلغ رد على الكثير من الأسئلة التي تأتيني منذ سنوات وحتى الآن حول دقة المعلومات التي تعتمد عليها أجهزة الأمن وممثليها في مصر في توقيف واعتقال واخفاء وتعذيب وسجن المشتبه بهم في القضايا السياسية أو الجنائية، فهل تخيلتم معي حجم الكارثة؟!

وفي الختام ده كان تحقيق سريع لإظهار سهولة التحقق والتثبت من المعلومات، ومن على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت.. الموضوع مش محتاج غير معرفة وتدريب وحسن استخدام للأدوات.

….

هيثم غنيم

السبت 9 سبتمبر 2023

محطة كهرباء غرب أسيوط.. كارثة مياه التبريد

Standard

محطة كهرباء غرب أسيوط.. ماذا تخبرنا المعلومات مفتوحة المصدر عن حادثة 19 أغسطس 2023 وكارثة حوض مياه التبريد، وخطرها على الأراضي والمحاصيل الزراعية؟! وسؤال عن دور أعضاء مجلس النواب والجهات الرقابية؟!

في البداية لفهم طبيعة المشروع المهمة قمت بإعداد الصور التالية لإظهار منطقة المشروع منذ بداية الانشاء وحتى انتهائه..

من خلال مقارنة الصور يمكنكم ملاحظة مراحل المشروع الأولى والثانية، بالإضافة إلى عملية بناء 6 أحواض لتبخير المياه المستخدمة في تبريد المحطة.

“كله تمام”..

كان هذا مضمون البيان الذي أصدره محافظ أسيوط يوم السبت 19 أغسطس والذي تحدث عن انهيار جزئي لحوض تجميع مياه في محطة كهرباء غرب أسيوط، البيان أكد أن تسرب المياه كان إلى بعض الأراضي الصحراوية المجاورة للمحطة بعيدا عن الكتلة السكنية وتضرر بعض المدافن، المصدر: https://www.masrawy.com/news/news_regions/details/2023/8/19/2456508/بيان-رسمي-انهيار-جزئي-لحوض-تجميع-مياه-في-محطة-كهرباء-غرب-أسيوط-صور?fbclid=IwAR3cVxh_CG4vPzvF0f_B2H1RU81vCHqIz-m88HnU4p_jfY4p2UiP_BF6kIw

فهل كانت هذه هي الحقيقة؟

الطريق إلى الحقيقة:

1- غضب الأهالي: هكذا يمكن توصيف ردة فعل الأهالي والذي ظهر في الأخبار المتداولة في اليوم التالي 20 أغسطس نتيجة اجتياح المياه لمقابر القرية، هذا الغضب نقلته جريدة الشروق عن أهالي قريتي مسرع، وأولاد رائق بمحافظة أسيوط؛ والذين اتهموا الأجهزة التنفيذية الممثلة في وزارتي الكهرباء والمحافظة بالتقاعس في التعامل مع كارثة غرق مقابر القريتين.

2- معلومات مهمة: تضمن خبر جريدة الشروق معلومات سأستفيد منها أثناء البحث: (حوض مياه مساحته 11 فدانا + به نحو 250 مترا مكعبا مياه + انهار جزء يصل لـ 6 أمتار + انجراف المياه وصل لمجمع الخدمات البترولية ومنطقة المقابر بعرب الشريفة).

3- موقع المقابر: وفق المعلومات الواردة في جريدة الشروق استطعت تحديد موقع المقابر بسهولة، وأيضًا الموقع الجغرافي لمدخلها المجاور لمنطقة عرب الشريفة وهو (27.21011427039527, 31.015729822357095).

قمت بوضع سهم وخطوط حمراء لتحديد منطقة المقابر ، وسهم باللون الأصفر لتوضيح مدخل المقابر.

4- موقع حوض التبريد: بالاعتماد على ما نشر فإن مساحة الحوض الذي حدث به الانهيار  حوالي 11 فدان، وبمراجعة مساحة الأحواض الستة الخاصة بمحطة الكهرباء تمكنت من تحديد الحوض الذي حدث به الانهيار بعد مطابقة المساحة التي تم نشرها بمساحة الحوض وفق ما تظهره الصورة التالية من الأقمار الصناعية

5- مواقع التواصل الاجتماعي: بالتوازي مع ما سبق انتشر هذا الفيديو والذي يظهر اجتياح المياه لمقابر المنطقة بجوار المحطة مما أدى لغرق المقابر وجرف رفات بعض الموتى.

بالتحقق من الفيديو للتأكد من صحته، قمت بتحليل بعض العلامات مميزة التي ظهرت به، وكانت كالتالي (في الثانية 3 من الفيديو يظهر عدد 2 برج كهرباء وعمود وأشجار وفي الخلفية منازل سكنية، وفي الثانية رقم 5 يظهر خزان مياه في أقصى الخلفية اليمنى من الفيديو).

6- التحقق عبر خرائط جوجل: بمقارنة صور الأقمار الصناعية مع العلامات المميزة الظاهرة في فيديو المقابر، استطعت التأكد من أن الفيديو تم تصويره في المقابر بمنطقة عرب الشريفة، قمت بوضع علامات باللون الأحمر لتحديد أبراج الكهرباء وعمود، وعلامات باللون الأصفر لتحديد الأشجار.

إضافة إلى ما سبق تظهر صورة الأقمار الصناعية التالية بقية العلامات المميزة التي ظهرت في الفيديو من أبراج كهرباء + خزان مياه.

الحقيقة: البيان الذي صدر من محافظ أسيوط لم يكن صحيح، فالمياه لم تتسرب إلى أراضي صحراوية ومنطقة المدافن فقط، بل ووفق الصورة التالية: تظهر المحطة (1) والمسافة بين حوض التبريد (2) ومنطقة المقابر (3) وكيف قطعت المياه مسافة تزيد عن 2 كيلو متر لتغرق المقابر وما بعدها من أراضي، والأهم أن الصورة تظهر أيضًا وجود أراضي زراعية أخرى قريبة من محيط منطقة الحدث، وهو ما يعني أنها قد تأثرت.

هذه الحقيقة كشفها النائب حسام ماضي في مداخلته مع أحمد موسى بقناة صدى البلد، حين ذكر في الدقيقة 1 و15 ثانية أنهم (منتظرين قرار جهاز شؤون البيئة، وهل مياه حوض التبريد أثرت على بعض الزراعات إلي نزلت فيها ولا لا؟)، كما كشف انها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها تسريب.

المصدر

انتظر.. الحكاية لم تنتهي: بعد الحادثة اللواء عصام سعد محافظ أسيوط ذكر عدة معلومات في مداخلة مع برنامج على مسئوليتي مع أحمد موسى على قناة صدى البلد، منها (أن المياه المسربة هي من نواتج التبريد الخاصة بمحطة كهرباء غرب أسيوط)، وقد نقل له أحمد موسى شكوى الأهالي وإن (عندهم زراعات باظت)، ولكن الكارثة كانت لما سأله أحمد موسى في الدقيقة 6 و 5 ثواني (هنستفيد من المياه ده إزاي؟)

فأجاب المحافظ (المياه بيستخدموها في الداخل في الزراعات، هناك دراسة لزراعة شجر الهوهوبا “الجوجوبا” بحيث يجيب دخل)، المصدر

الكارثة: مداخلة المحافظ ونائب مجلس النواب على قناة صدى البلد، دفعتني لاكتشاف وجود شكاوى سابقة حول مياه التبريد الخاصة بالمحطة، فوفق موقع المصري اليوم فالمحطة تمثل كارثة صحية.. لأنها لا تصرف مياه التبريد. وقد نشرت الجريدة ما توصلت إليه في هذا الفيديو بتاريخ 3 فبراير 2021

تحقيق المصري اليوم: يكشف عن عدة معلومات مهمه، وهي (المحطة لا تصرف مياه التبريد، الأهالي يرفضون صرف مياه التبريد في ترعة بني غالب، مياه الصرف تهدد 20 ألف فدان زراعي، تخزين المياه يتم في منطقة آبار جوفية)، بالإضافة إلى عدد 2 تقرير من وزارة الصحة والإسكان بمحافظة أسيوط يدعي تطابق العينة مع المعايير، وتقرير من شركة الشرب والصرف الصحي بأسيوط والوادي الجديد ينفي تطابق العينة مع المعايير.

تقرير قطاع المعامل ومراقبة الجودة يظهر زيادة تركيز المواد الصلبة الذاتية والكلية والزيوت والشحوم والأمونيا عن حدود المعايير الواردة بالمادة 50 من قرار 92 لسنة 2013 الخاص بمعايير الصرف على المياه العذبة.

فضيحة.. لا نكذب، ولكننا نتجمل: تقرير المصري اليوم تضمن تسجيل صوتي للمتحدثة باسم وزارة البيئة قالت فيه: (علشان نبقى واقعيين، أنت عارف إن دي محطة كهرباء يعني تابعة لوزارة الكهرباء، أنا مش هقدر أقولك إن الناس دي مخالفة).

ما سبق يدفعنا للمطالبة بخضوع كل من (أ.د/ محمد زين الدين حافظ، د/ مرام علي عبد الملك، د/ أسامة حجازي، أ/ هيثم كمال السيد)، للتحقيق لبيان صحة ما وقعوا عليه من تطابق عينات أحواض التبريد مع المعايير الموضوعة، خصوصًا أن مياه التبريد الخاصة بالمحطة لا يتم معالجتها.

أحواض التبريد: يتضح مما سبق أنه لا يوجد آلية لمعالجة مياه محطات التبريد، بالإضافة إلى محاولة صرفها في المصارف المائية التي تغذي الأراضي الزراعية، وهو ما قد يفسر ما تظهره صور الأقمار الصناعية من بناء لأحواض التبريد على فترات زمنية مختلفة، وفق التالي:

  • حوض التبريد الأول والثاني في فترة شهر يوليو 2015
  • حوض التبريد الثالث بدء انشاءه في أكتوبر 2017
  • حوض التبريد الرابع ما بين شهر يناير ومايو 2018
  • حوض التبريد الخامس بدء انشاءه في مايو 2018
  • حوض التبريد السادس والذي بدء انشاءه ما بين شهر أغسطس ونوفمبر 2018

ادعاء كاذب: هو ما سيقوله البعض أن كل أحواض التبريد التي تم انشاؤها كانت ضمن خطة مشروع محطة كهرباء غرب أسيوط.

الدليل: ما نشرته جريدة الشروق عن قيام الوحدة المحلية لمركز مدينة أسيوط بتحرير محضر ضد شركة إنتاج كهرباء غرب أسيوط لتعديها على مساحات أملاك الدولة خارج النطاق المخصص لها بقرار رئيس الجمهورية، و انشاء أحواض مخالفة للمواصفات، المصدر

جرس إنذار: هذا ما تمثله الحادثة لعلنا ننتبه لكارثة أحواض مياه التبريد الخاصة بمحطة غرب أسيوط وكيفية تعامل أجهزة الدولة معها، وما تمثله تلك المياه من خطر على صحة ملايين المصريين في حال تسربت أو اختلطت بالمياه التي تعتمد الأراضي الزراعية عليها في تلك المنطقة، والتي قمت بتحديد بعض منها في صورة الأقمار الصناعية التالية

ما قبل النهاية: لا يمكن لأحد انكار أهمية محطة كهرباء غرب أسيوط، وأيضًا لا تستطيع الحكومة تجاهل أهمية حياة وصحة ملايين المصريين، وهو ما يدفعنا للسؤال التالي:

في المشاريع القومية هل سرعة التنفيذ فقط هي المطلوبة أم جودته أيضًا بناء على دراسات جدوى متكاملة؟ وهل تم التخطيط لكيفية معالجة وصرف مياه التبريد الخاصة بالمحطة؟ أم غاب هذا؟ لنصبح أمام كارثة إهدار لموارد الدولة والإضرار بالمواطنين؟! 

سبب السؤال هو أن السيسي لديه قناعة راسخة ظهرت في كلمات متعددة له بعدم أهمية الاعتماد على دراسات الجدوى وغيرها عند تنفيذ المشاريع، فمثلًا في ديسمبر 2018 وأثناء فعاليات منتدى ” أفريقيا 2018″ في شرم الشيخ، قال (إحنا وإحنا في مصر كان دراسات الجدوى لو أنا مشيت بيها كنا هنحقق فقط 20 لـ 25٪ مما حققناه) الدقيقة 10 و35 ثانية، المصدر 

وظهر أيضاً في كلمة له أخرى في شهر أكتوبر 2022 اثناء افتتاحه لملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة، حيث سأل مستفسراً عن (جدوى دراسة الجدوى؟ وأنه لم يعد هناك وقت لفقده في دراسات الجدوى) الدقيقة 1 و3 ثواني، المصدر

خاتمة: أتمنى أن تتحرك الجهات المسؤولة لحل إشكالية أحواض مياه التبريد، بما يتوافق مع أقصى معايير السلامة المتعلقة بصحة الملايين من أهل مصر، وألا يتم تجاهل الكارثة والتعامل معها وفق سياسة “أعمل نفسك ميت” كما تعاملت الجهات المختصة التي لم ترد على تساؤلات واستفسارات جريدة الشروق التي حاولت التواصل معهم بعد حادثة 19 أغسطس.

انتهى

…….

هيثم غنيم 

الجمعة 25 أغسطس 2023

حادثة العريش.. تحليل عبر المصادر المفتوحة والبيانات الكمية

Standard

بالأمس مضى 7 أيام على وقوع حادثة الاشتباك داخل مقر الأمن الوطني في مدينة العريش يوم الأحد الماضي الموافق 30 يوليو 2023، وهذا دون تبنى أي جهة له أو إصدار أي بيان رسمي من وزارة الداخلية أو الحكومة المصرية حتى الآن.

أدى الحادث إلى مقتل 8 أفراد من قوات الأمن وسط روايات متضاربة دون دليل، وهو ما دفعني لكتابة هذا التحليل، لاستكشاف هل كان الحادث داخلياً أم نتيجة هجوم خارجي؟! ولماذا لم يصدر أي بيان رسمي؟

  • أولًا مقر الأمن الوطني في مدينة العريش (المحيط والتأمين وفق تحليل صور الأقمار الصناعية)

تظهر خرائط جوجل الموقع الجغرافي للمبنى (31.142284226702174, 33.8286058778845) وهو يقع بجوار منطقة سكنية في ضاحية السلام بمدينة العريش، ووفق الصورة التالية من الأقمار الصناعية قمت بتحليل (طبيعة المؤسسات في محيط المبنى + أماكن الدخول والخروج + نقاط التفتيش والارتكاز الأمنية + أماكن سير السيارات + العوائق والحواجز).

أ- تظهر الصورة السابقة المباني الحيوية الواقعة في هذا المربع الجغرافي بالترتيب من اليمين لليسار (الكتيبة 101، ديوان عام محافظة شمال سيناء، مستشفى العريش العسكري، مديرية أمن شمال سيناء، قطاع الأمن الوطني، معسكر، مبنى أمني، محكمة شمال سيناء، فندق العريش لضباط القوات المسلحة).

ب- نلاحظ وجود مدخل طوارئ لمستشفى العريش العسكري في المنطقة الواقعة خلف مبنى الأمن الوطني ومديرية الأمن، وقد قمت بتمييزه بدائرة باللون الأصفر.

ت- قمت بوضع دائرتين باللون الأحمر في يمين ويسار الصورة لتحديد المدخل الرئيسي للدخول والخروج من هذه المنطقة الأمنية حيث توجد كمائن أمنية ثابتة، ثم قمت بوضع خطوط متقطعة باللون الأخضر بينهما لتوضيح خط سير السيارات داخل هذه المنطقة، ونظراً للطبيعة الصحراوية للمحافظة فقد حددت خط السير بناء على عدم تراكم الأتربة نتيجة استخدام الطريق الداخلي في المنطقة من قبل السيارات، وهو ما يظهر قيام قوات الأمن بغلق حارات داخل هذا الطريق وتحويل مسارات السير لتخفيف سرعة السيارات عبر اجبارها على الانعطاف مما يجعلها هدف أسهل لأبراج التأمين في حالة الاشتباه.

ث- الدوائر باللون الأسود تظهر العوائق والحواجز الإسمنتية التي تم وضعها لغلق مداخل ومخارج محيط المنطقة بشكل عام.

  • ثانيًا صور بزوايا جديدة للمبنى عبر المصادر المفتوحة مع تحليلها

بمراجعة ما نشر بعد الحادث عبر المنصات الإخبارية والناشطين، كانت جميع الصور المنشورة للمبنى ملتقطة من الأعلى اعتماداً على خرائط جوجل مع وصف للمبنى على أنه مكون من أربع أدوار، مع وجود رواية عن وجود سلاح متوسط لإطلاق الرصاص أعلى المبنى. بالبحث عن صور أخرى استطعت الوصول لعدة صور التقطت في الفترة ما بين أعوام 2019 و2021، بعضها التقط من مبنى محكمة شمال سيناء وفق زاوية التصوير.

أ- مقارنة صورة القمر الصناعي بالصور الأرضية

تظهر الصورة على اليمين (مبنى الأمن الوطني وفي الشمال الشرقي منه يقع برج اتصالات لاسلكية في حرم مديرية أمن شمال سيناء)، وقد قمت بوضع مستطيل باللون الأصفر عليه لإظهاره، وبمقارنة هذا بالصورة الأرضية الملتقطة في شهر نوفمبر 2019 وفق موقع جوجل فسنجد نفس برج الاتصالات يظهر في الزاوية العلوية جهة اليسار، إذن نحن الآن أمام أول صورة أرضية تظهر مبنى قطاع الأمن الوطني المكون من طابق أرضي (استقبال + مكاتب ضباط) و 3 طوابق علوية تضم أماكن احتجاز ومكاتب تحقيق كالتالي (طابق للمحتجزين على ذمة قضايا جهادية، طابق للمشتبه في انتمائهم أو مساعدتهم لعناصر مسلحة، طابق للمحتجزين وفق آراء وانتماءات سياسية) بالإضافة إلى أبراج الحراسة.

ب- صور أرضية أخرى للتحقق

تظهر صورة أخرى تم التقاطها في شهر مايو 2021 مبنى الأمن الوطني من الخلف، تم وضع علامة مستطيل باللون الأحمر لتحديد مبنى الأمن الوطني، وتم وضع مستطيل باللون الأصفر لتميز جزء من البنيان الهندسي للمبنى، وسنلاحظ تطابق هذا مع الصورة الملتقطة في شهر نوفمبر 2019.

* بالطبع هناك أدلة أخرى ولكن يكفي هذا في هذه النقطة لإظهار صورة وشكل المبنى من زاوية أرضية.

  • ثالثًا تأمين المبنى

وفق صور الأقمار الصناعية فقد تم إجراء عدة تغييرات على المبنى في الفترة ما بين عام 2013 و2022، ونستعرض في هذا الجزء تأمين مبنى الأمن الوطني + جزء من تأمينه هو والمباني المحيطه به لمعرفة مدى سهولة أو صعوبة الوصول إليه.

تظهر الصورة بعض من نقاط التأمين، وفق التالي:

أ- باللون الأزرق في الصورة أعلاه قمت بوضع دوائر على جميع أبراج الحراسة + غرف التأمين وإطلاق النار أعلى المباني + بعض نقاط التحقق الأمنية.

ب- باللون الأسود قمت بوضع عدد 2 مستطيل يظهر حوائط خرسانية مسبقة التجهيز تم وضعها أمام سور التأمين الخارجي لمبنى الأمن الوطني لحمايته.

ت- باللون الأحمر قمت بتمييز أبراج التأمين الخاصة بمبنى الأمن الوطني، وباللون الأصفر قمت بتمييز نقاط إطلاق النار الكاشفة أعلى المبنى، وهو ما يتضح أيضاً في الصورة الأرضية التالية

  • رابعًا نقاط الدخول والخروج للمبنى

بعمل مقارنة ما بين صور الأقمار الصناعية والصور الأرضية، يتضح حدوت عدة تغيرات شملت إجراء تعديلات في السور التأميني المحيط للمبنى حتى استقر على وضعه الحالي، وللمبنى ثلاث بوابات للدخول (مدخل للسيارات + مدخلين للأفراد). قمت بوضع مستطيل باللون الأحمر لتوضيح موضع دخول السيارات إلى المبنى في الجهة اليمنى من السور الأمامي، بينما قمت بوضع علامتين باللون الأصفر لتوضيح بوابات الأفراد.

  • خامسًا أوقات التحقيق والاستراحة والانتقالات

منذ عام 2013 وحتى الآن قمت بتوثيق مئات الشهادات لسجناء سابقين تعرضوا للاختفاء القسري عبر الاحتجاز بشكل غير قانوني داخل مقرات أمنية متعددة ومنها مقرات الأمن الوطني، ويمكن تقسيم روتين العمل اليومي داخل مقرات الأمن الوطني كالتالي:

أ- من يتم استدعاؤه في الصباح الباكر مع تجهيزه بملابس نظيفة، يتم نقله خارجياً إلى مقر تحقيق آخر أو نقله لعرضه على النيابة.

ب- من يتم استدعاؤه خلال اليوم، يتم التحقيق معه من قبل الضباط في نفس المقر.

ت- من يتم استدعاؤه في فترة ما قبل منتصف الليل مع جعله يرتدي ملابس للانتقال، يتم نقله إلى أماكن خارجية وتصفيته جسدياً.

ث- تنتهي التحقيقات قبل صلاة الفجر، ويبدأ الضباط في الرحيل مع وجود ضابط طوارئ في المقرات الرئيسية، على أن يقوم أمناء الشرطة بإرجاع من تم التحقيق معهم لغرف الاحتجاز، وما بين صلاة الفجر لشروق الشمس يتم السماح للمحتجزين بالدخول للحمامات بشكل فردي وأداء الصلاة لمن يريد.

ج- يتم تأمين المبنى من الخارج من قبل قوة تابعة للعمليات الخاصة التابعة لقطاع الأمن المركزي، ولا يسمح لأفرادها بالتواجد داخل مقر التحقيق.

ح- يتم نقل الموقوفين أمنياً بشكل غير قانوني عبر قوة رئيسية من العمليات الخاصة لقطاع الأمن المركزي بصحبة وإشراف أفراد من قطاع الأمن الوطني. 

مما سبق يتضح أن أي انتقالات صباحية تكون إما لنقل محتجزين لعرضهم على النيابة، أو لنقل أو تسليم محتجزين من مقر احتجاز إلى مقر احتجاز آخر، أما الانتقالات المسائية فتكون لغرض التصفية الجسدية.

  • سادسًا حقيقة الحادثة وتاريخ وتوقيت الهجوم 

من المؤكد أن هناك اشتباك قد تم، وهناك نقاط اتفاق بين كل الروايات المنشورة على أن الحادثة تمت يوم الأحد 30 يوليو 2023، وأنها قد انتهت قبل السابعة الثالثة عصراً، ولكن يوجد اختلاف في تحديد وقت بداية الهجوم ومدته.

بدأت الأخبار في الظهور عندما بدأ مقربين من الضابط محمد مؤنس بنشر خبر مقتله، ومنهم ضابط العمليات الخاصة سيف الطحاوي والذي قام بكتابة منشور عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك ينعي من خلاله مقتل العقيد محمد مؤنس مع الإشارة إلى مكان عمله في محافظة شمال سيناء.

بعدها بدأت الأخبار في التسرب، وقامت إحدى الصفحات المحلية واسمها (سيناء الآن) بنشر منشور الساعة 4:43 مساءًا، تعلن فيه عن هجوم مسلح على مبنى الأمن الوطني ومقتل العقيد محمد مؤنس.

لاحقًا تداول ناشطون وإعلاميون معارضون في الخارج، رسالة عبر تطبيق الواتس آب تتضمن أسماء 4 قتلى و 22 مصاب من قوات الأمن و وفق الرسالة التي تم تداولها فإن توقيت الإبلاغ عن القتلى والمصابين كان في الساعة 5:55 صباح يوم الأحد.

ولكن هذا التوقيت يتضارب مع ما أورده موقع مدى مصر الإخباري والذي أشار إلى أن الاشتباكات حدثت ما بين الساعة السابعة صباحًا وحتى الثالثة مساءًا

أيضًا منظمة سيناء لحقوق الإنسان نشرت عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي في نفس يوم الواقعة وتحديدًا في الساعة 4:47 مساءًا عن ”حدث أمني“ داخل مقر الأمن الوطني بمدينة العريش، وعن قطع شبكات الاتصال والإنترنت عن المدينة من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الثالثة مساءًا.

بعدها وفي الساعة 5:34 من مساء نفس اليوم نشرت المنظمة عن مقتل عقيد في العمليات الخاصة في اشتباك مسلح داخل مقر الأمن الوطني مع وجود انباء عن قتلى وجرحى آخرين.

* إذن المؤكد حتى الآن هو:

أ- هناك واقعة اشتباك مسلح حدثت داخل مقر الأمن الوطني بالعريش يوم الأحد 30 يوليو 2023، وأن تلك الواقعة قد بدأت في الصباح وانتهت قبل الساعة الثالثة من مساء نفس اليوم، دون أن يتمكن أحد من تحديد توقيت بدء الحادث وانتهاءه بشكل دقيق.

ب- يدل المنشور الذي قام بنشره الضابط سيف الطحاوي على أن العقيد محمد مؤنس قد قُتل قبل الساعة الثانية ظهرًا، وهو نقطة سنرجع إليها في النقاط التالية لبناء تحليل وفق ما تم توضيحه من معلومات في النقاط السابقة واللاحقة.

ت- في اليوم التالي للواقعة، قمت برصد عبر مواقع التواصل الاجتماعي جنازات لثمانية من قتلى قوات الأمن في محافظات مختلفة (5 من قطاع الأمن الوطني + 3 من قطاع الأمن المركزي)، والقتلى هم (عقيد/ محمد مؤنس، معاون/ محمد عبد المطلب، معاون/ محمد صلاح، أمين أمن وطني/ محمد هلالي، أمين أمن وطني/ وحيد أبو المكارم، أمين أمن وطني/ محمد حامد، جندي أمن وطني/ محمد أبو العينين، جندي أمن وطني/ عبد الرحمن محمد).

ث- رغم أن وزارة الداخلية التزمت الصمت ولم تصدر أي بيان رسمي، ولكنها قامت بتنظيم جنازات رسمية للقتلى في اليوم التالي الموافق 31 يوليو 2023، ومن هؤلاء جنازة العقيد محمد مؤنس.

  • سابعًا أنواع الاصابات واماكنها في الجسد

سنحاول في هذا الجزء التعرف على طبيعة الاشتباك وفق أنواع الإصابات و أماكنها في أجساد القتلى والمصابين وفق ما تم نشره، حيث سربت ورقة على مواقع التواصل الاجتماعي تحتوي على أسماء بعض من المصابين والقتلى في الهجوم.

تظهر نوعية الاصابات أنها حدثت نتيجة إطلاق رصاص متبادل بين قوات الأمن وعناصر لم يتم الإعلان عنها، كما يتضح أن بعض الاصابات ناتجة عن شظايا وهو ما يعنى استخدام قنابل (يدوية، غاز، غيرها).

أيضاً تظهر الرسالة التي تم نشرها عبر عدة مجموعات من خلال تطبيق الواتساب، وجود اصابات ناتجة عن استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وهو ما يدل على تحصن بعض الأفراد داخل مبنى الأمن الوطني واضطرار قوات الأمن أثناء عملية الاشتباك والتطهير إلى استخدام قنابل الغاز مما أدى بالتبعية لإصابة بعض من أفرادها بالاختناق.

** يلاحظ غياب اصابات ناتجة عن انفجار سيارة مفخخة أو حزام ناسف، وهي نقطة هامة.

** يلاحظ أيضًا غياب أسماء القتلى والمصابين الذين قاموا بالاشتباك مع قوات الأمن.

  • ثامنًا رواية الهجوم الخارجي.. حقيقة أم خيال؟

في ظل غياب البيانات الرسمية، تداول نشطاء واعلاميون خارج مصر ثلاث روايات، الأولى هو حدوث هجوم خارجي من قبل الميلشيات التابعة لرجل الأعمال السيناوي المقرب من النظام إبراهيم العرجاني، وهي رواية لا دليل عليها بالإضافة لتجاهلها أن موقع الهجوم يقع خارج مناطق تواجد ونفوذ ميلشيات إبراهيم العرجاني، ولا يستطيع الوصول إليه إلا بتنسيق وموافقة من الأجهزة الأمنية لمنع حدوث أي اختراق أمني للمنطقة المحصنة.

الرواية الثانية اعتمدت أن هجوم خارجي حصل من قبل قوات الجيش نتيجة قيام الأمن الوطني بتوقيف واعتقال ضباط في الجيش، وهي رواية خيالية لا يوجد لها مبرر خصوصًا مع عدد القتلى والمصابين، كما أنها تناست أنه ليس من حق وزارة الداخلية اعتقال إي فرد من القوات المسلحة، وأنه إذا تم توقيف أحدهم يتم استدعاء الشرطة العسكرية فورًا للتعامل معه والاحتفاظ به.

الرواية الثالثة هي أن تنظيم بيت المقدس قد شن هجوم خارجي استهدف مقر الأمن الوطني لتحرير عناصر له، وأنه استطاع الوصول إلى المكان واقتحامه وخوض اشتباكات والقبض على ضابط والانسحاب به… هي رواية غير صحيحة وفق المعطيات التالية:

أ- في شهر نوفمبر من عام 2014 أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس بيعتها لتنظيم الدولة ليتحول اسمها منذ ذلك الوقت إلى ولاية سيناء، إذن لا وجود حاليًا لما يسمى بـ أنصار بيت المقدس.

ب- تعمدت في النقاط الربعة الأولى من هذا التحليل تقديم شرح تفصيلي عن المنطقة التي يقع بها مبنى قطاع الأمن الوطني وطبيعة التحصينات به، ونقاط الارتكاز الأمنية بداخله، لتبيان استحالة الوصول إليه دون اكتشاف القوة المهاجمة قبلها بوقت كافي لصدها والتعامل معها.

ت- نظرًا لطبيعة تلك التحصينات لم يستطع تنظيم أنصار بيت المقدس سابقًا ثم تنظيم الدولة “لاحقًا” ممثلًا في ولاية سيناء الوصول إلى تلك المنطقة المحصنة بهجوم كبير إلا مرة واحدة بتاريخ 29 يناير 2015، ولم يستطع الوصول إلا للبوابة الخلفية فقط للكتيبة 101 حيث اقتحمها بسيارة مفخخة بعد تمهيد نيراني وهجوم شامل استخدم فيه سيارات مفخخة أخرى لتشتيت القوات، الصورة التالية توضح موقع اقتحام السيارة المفخخة لمقر الكتيبة 101 في عام 2015، ومدى بعدها عن مقر الأمن الوطني.

تفاصيل عن الهجوم من موقع رويترز

https://www.reuters.com/article/oegtp-egyp-ah7-idARAKBN0L302N20150130

ث- تستخدم التنظيمات الجهادية في الهجمات الكبرى تكتيكات ثابتة، وهو ما شهدناه في سيناء طيلة السنوات الماضية، حيث يبدأ الهجوم باقتحام سيارة مفخخة أو بتمهيد نيراني للسماح لسيارة مفخخة للوصول للنقطة المحصنة، ثم هجوم عبر افراد مسلحين بعضهم يرتدي أحزمة ناسفة للاستيلاء على النقطة المستهدفة لتنفيذ الهجوم ثم الانسحاب.

أو تمهيد نيراني وتنفيذ عمليات إشغال بغرض إيصال سيارة مفخخة لنقطة محصنة وإلحاق أكبر قدر من الخسائر بها.

وهو تكتيك لم يتم تنفيذه في حادثة العريش الأخير.

ج- في كل الهجمات الكبرى التي تمت في مدينة العريش، سربت مقاطع فيديو لتلك الهجمات قام بتصويرها سكان محليون، ومنها هذا المقطع للهجوم على الكتيبة 101 في عام 2015 والذي قامت بنشره شبكة الجزيرة حينها.

أيضاً الهجوم الذي تم على كمين المطافي التابع لوزارة الداخلية بدائرة قسم ثالث العريش بتاريخ 9 يناير 2017، قام أحد المواطنين بتسجيل مقطع فيديو من هاتفه للاشتباكات والانفجار.

تفاصيل عن الهجوم من موقع الهيئة العامة للاستعلامات

https://www.sis.gov.eg/Story/133161?lang=ar

** إذن يتضح من كل ما سبق بطلان فرضية الهجوم الخارجي على مبنى قطاع الأمن الوطني في العريش.

  • تاسعًا هل تم الهجوم من داخل مقر الأمن الوطني؟

وفق جميع المعطيات فإن ما حدث كان هجوم واشتباك داخلي وهذا هو الاحتمال الوحيد المفسر لأحداث يوم الأحد 30 يوليو 2023، ونحن هنا أمام ثلاثة سيناريوهات وجميعهم يمثلون حرج وإشكالية للسلطات المصرية وجهازها الأمني، السيناريو الأول:

هو قيام مجموعة من المختفين قسريًا ممن تم توقيفهم واحتجازهم بشكل غير قانوني، بعمل تمرد استطاعوا من خلاله الاستيلاء على أسلحة بعض أفراد الأمن إما من داخل المقر أو أثناء عملية نقلهم داخليًا، ولكن لا أحد يمكنه الجزم بتفاصيل ما حدث دون أن يكون له مصدر يمكن من خلاله التوثيق والتحقق مما حدث بشكل تفصيلي.

السيناريو الثاني:

حدوث تمرد من قبل مجموعة من أفراد قوات الأمن داخل مبنى الأمن الوطني، قاموا خلاله بإطلاق النار على زملائهم ثم الاشتباك مع قوات الدعم حتى تم قتلهم.

السيناريو الثالث:

هو مزيج من الاحتمال الأول والثاني، حيث تمرد أحد أفراد الأمن وقام بتحرير مجموعة من المختفين قسريًا لمعاونته، والاشتباك مع قوات الأمن داخل المبنى والتحصن به ثم الاشتباك مع قوات الدعم حتى نفاذ ذخيرتهم.

* نشر موقع رويترز بتاريخ 31 يوليو 2023 نقلًا عن مصدرين أمنيين أن الحادثة وقعت نتيجة استيلاء مجموعة من المحتجزين على أسلحة والاشتباك مع قوات الأمن.

المصدر من موقع رويترز

https://www.reuters.com/world/africa/least-four-killed-clash-egypts-sinai-security-sources-2023-07-31/

  • عاشرًا لماذا لم تصدر السلطات المصرية أي بيان؟ 

الحقيقة أنه كما أن السلطات المصرية ممثلة في وزارة الداخلية لم تصدر أي بيان، فأيضًا لم يصدر فرع تنظيم الدولة في سيناء أو أي تنظيم آخر أي بيان لتبني الحادثة.

ووفق تحليلي فإن السلطات المصرية لن تصدر أي بيان حول الحادثة للأسباب التالية:

أ- يكشف الاعتراف بالحادث ثغرات في المنظومة الأمنية، وفي حالة كانت الحادثة تتضمن تمرد أفراد من الأمن سيكون هذا مؤشر سلبي خطير.

ب- الحادثة لم تحدث نتيجة هجوم أو تنسيق خارجي، وتأتي في ظل هدوء عام في محافظة شمال سيناء، والتي كانت آخر عملية تبناها تنظيم ولاية سيناء ونشر عنها بتاريخ 30 نوفمبر 2022 في منطقة القنطرة شرق، ثم عملية أخرى نشر عنها بتاريخ 31 ديسمبر 2022، ومنذ ذلك الحين لم تحدث أي هجمات، مع ملاحظة أن الهجمات الأخيرة كانت خارج نطاق العمليات المؤثرة للتنظيم في محافظة شمال سيناء.

ت- لم تعترف وزارة الداخلية خلال الأعوام القليلة الماضية باشتباكات داخل مقرات تابعة لها سوى مرة واحدة في حادثة تمرد السجناء وقتلهم لعدد من أفراد الأمن داخل سجن العقرب 1 في منطقة سجون طرة، وأتى الاعتراف لعدة أسباب منها أن السجناء مسجلين بشكل رسمي ولا يمكن انكار وجودهم، بالإضافة عوامل أخرى منها تسريب ما حدث ونشره عبر وسائط مختلفة.

ث- لا يوجد أي سجلات رسمية للمختطفين قسريًا داخل مقر الأمن الوطني في العريش، لذلك فإن الاعتراف الرسمي بالحادثة يعني الاعتراف بوجود ممارسات غير قانونية عبر توقيف واخفاء وتعذيب وتصفية مواطنين داخل مقرات الأمن الوطني.

ج- لا تمثل الحادثة أي تهديد أمني مستمر على مدينة العريش، فهي بالنسبة للسلطات المصرية حادث عارض نتج عن تقصير أمني داخلي تمت معالجته، مع وضع اجراءات مستقبلية لمنع تكراره.

ح- تواجه السلطات المصرية عدة أزمات بنيوية داخلية وأزمات خارجية، ومن هذه الأزمات الوضع الاقتصادي المتدهور، ويمثل حل تلك الأزمات أولوية مطلقة.

  • ختامًا.. مخاوف حقيقية 

مازال العشرات من المختطفين قسريًا ”موقوفين أمنيًا“ داخل مقر الأمن الوطني في العريش يواجهون مصير مجهول، حيث لم تتمكن أسرهم من الاطمئنان عليهم، وهو ما يضع الكثير من الاحتمالات السلبية  حول مصيرهم بعد حادثة الاشتباك داخل المقر.

*** جميع ما سبق تمت كتابة بناء على المعلومات مفتوحة المصدر بعد التحقق منها، بالإضافة إلى بيانات تراكمية ما بين عام 2014 و2022 نتيجة الاهتمام بمتابعة الانتهاكات الواقعة ضد المدنيين في شبه جزيرة سيناء.

…………………………………….

تم الانتهاء منه يوم الإثنين 7 أغسطس 2023

هيثم غنيم

في وداع أبي

Standard

لم نكن الأقرب ولكن والحمد لله لم نكن الأبعد، عند رحيلي في منتصف يونيو 2014 لم أحب الوداع ليقيني حينها بسرعة اللقاء

مضت الأيام ثم الأشهر ثم السنوات، لم ترد المجئ للقائي خوفًا من عدم القدرة على الرجوع، ولم أستطع تلبية طلبك بإنهاء غيبتى والرجوع

أعلم أنك قد سامحتنا كما نسامحك، ولكنى أردت أن أشكرك بعد رحيلك على أنك قد أحسنت إختيار أمي فقد كانت وما زالت منارتنا، كما أشكرك على أجمل هدية تركتها لنا وهى أختى حفظها الله هي وأسرتها

أبي.. سامحني على تقصيرى وغيابي

أدعو لك واستغفر الله لك، اللهم اغفر لأبي وارحمه

ابنك

هيثم

الحب احتياج

Standard

قال لي ونحن نسير، لماذا أحببتها؟

وكأن سؤاله قد سحبني من صخب هذا العالم في لحظة لأتذكر تلك اللحظة التي تلاقت فيها أعيننا لأول مرة تحت زخات المطر

كيف صمت ضجيج العالم من حول رأسي فجأة ليعم الدفء.. تلك النظرة العابرة كانت لي كينبوع ماء صافي غمر الفؤاد في لحظة احتياج ليخلصه من كل أدرانه

مضت مسرعة ومضى معها سكوني

يقولون أن الحب احتياج.. وقد صدقوا

وأقول أن للحب نبضات لا تنتهي.. قصيرة هي كحياتنا

……

هيثم غنيم

يناير 2023

الجبرتي

Standard

أحكي لكم قصة عبد الرحمن الجبرتي، ليس المؤرخ المصري المعروف، فهذا قد كتب عنه الكثيرون، بل هو جبرتي آخر، فإليكم قصته!

المشهد الأول: سجن الزقازيق العمومي:

فجر يوم الاثنين 25 يونيو 2018، علا صوت تلك الأحذية المقيتة في عنبر الدواعي داخل السجن، ليتوقف أمام زنزانة عبدالرحمن الانفرادية، لم يكن عبد الرحمن يعلم أن فجر هذه الليلة سيشهد مولده الجديد، أخبروه أن “أحمد عاطف” رئيس مباحث السجن يريد محادثته، لم يكن عبد الرحمن يعلم أن الحكم بإعدامه قد صار نهائياً واجب النفاذ، فلم يخبره أحد بهذا ولم يعطوا له فرصة لوداع خطيبته أو أسرته، ولكنه توقع أنه لن يدخل تلك الزنزانة التى يغادرها مرة أخرى.

طلب منهم أن يلقي السلام على إخوته في الزنازين الأخرى ولكنهم رفضوا، وأخذوه إلى غرفة الإعدام، وهناك كان شخص يراقب في صمت ودهشة ما يحدث؛ فالموقف بالنسبة له جديد وما سيقال فيه لم يسمعه من قبل في هذه الغرفة، ومنه تناقلت القصة.. قصة عبدالرحمن إبراهيم محمود، والشهير بـ “عبدالرحمن الجبرتي”.

المشهد الثاني: اعتصام رابعة العدوية

هناك بين الجموع كان عبدالرحمن الجبرتي يجلس بين الجموع تبهره الخطب والكلمات، يصدق أن هناك قيادات تعمل للنصر وأنه عند مجىء العصر سيرجع الرئيس إلى القصر، كان الشاب العشريني أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وكان شديد الإيمان بهم، شكل مع زملاء له مجموعة شبابية تشبه مجموعات التراس كرة القدم، ولكن في هذه المرة كان التشكيل للتعبير عن أنفسهم وما بداخلها من حماسة الشباب، كان اسم المجموعة التراس الأحرار، وعلى وقع هتافات “سلميتنا أقوى من الرصاص” صدق عبد الرحمن الوعود القائلة باستحالة فض رابعة، ولكن مشاهد دماء الساجدين في مذبحة الحرس الجمهوري ثم مذبحة المنصة، أبكت قلب الشاب النقي الرقيق، فرجا يومها أن يصير مثل مَن رحلوا بين يديه من الأنقياء مبتسمين، فارتدى حلة كتب عليها “الجبرتي مشروع شهيد”.

أتى الفض وأسقط رصاص الأوغاد أوراق توت الوعود الزائفة، ولكن ليته فعل هذا وفقط ولكنه اقتلع أيضاً أصدقاءنا وأحبابنا ورفقاءنا ورفقاء عبدالرحمن، لتغيب شمس ابتسامة عبدالرحمن.

مظاهرات ومسيرات بمدينة السويس استمرت لشهور من بعد الفض، لم يكن من الصعب تمييز عبدالرحمن بهتافه في بعضها، ولم يكن من الصعب قراءة عيونه الحزينة، تقل أعداد المتظاهرين بفعل ضربات الأمن وبفعل غياب الخطة وتمسك الفسدة بمناصبهم، لتبدأ أنباء الانتهاكات والاعتداءات الجنسية على المعتقلين والمعتقلات في التصاعد.

المشهد الثالث: مارس 2015

مجموعة من الرجال الملثمين يستقلون سيارة (فيرنا) يحاولون اغتيال أحد سفاحي النظام وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أثناء وجوده بـ(فيلته) في مدينة السويس، اشتباك قصير مع قوة الشرطة المكلفة بالتأمين بضاحية الملاحة بمدينة السويس، تقول محاضر التحقيق إن مطاردة بدأت بعدها بقيادة الرائد “محمد سويلم” رئيس مباحث الجناين فى منطقة الألبان الجديدة بالقطاع الريفى وقتها، قتل في المطاردة أحد الملثمين وقتل ضابط المباحث، وتعددت الإصابات، ولكن دون الإمساك بأحد، لم يعرف أحد مَن وراء الاستهداف، ولكن سموا فاعليه بـ”الإرهابيين”؛ ففي مصر الرواية التى تُعتمد فقط هي رواية أعداء الحياة.

انطلقت ميلشيات النظام بعدها كالضباع المسعورة محاولة الحفاظ على كراسيها الفانية، لتشهد محافظة السويس موجة من الاعتقالات العشوائية والتعذيب، وكان من ضمن المعتقلين “عبدالرحمن”إذ اقتحموا منزله واعتقلوه وفق الأوراق بتاريخ 26 مارس 2015، ليُتهم بمجموعة من القضايا، ومنها قضية محاولة اغتيال وزير الداخلية برقم 119 لسنة 2016 عسكرية السويس.

المشهد الرابع: يجلس عبدالرحمن كممثل عن الشعب في قفص محاكمة ميلشيات النظام

لم يكن يهتم بالقضاة أو الحاضرين فقط كانت عيناه ترقب في حب خطيبته وأسرته، كان يطمئنهم بعينيه مبتسماً لكي يعينهم على قسوة قد تنال آذانهم من حكم الطغاة.

في السجن قضى عبدالرحمن جل أوقاته في حفظ القرآن وتدبره، يقول عنه رفقاء السجن إنه كان يعلم أنه سيأتى وقت ويلقى الله، وكان يمزح معهم هل سنتزوج من الحور العين أولاً أم سنتحرر من هذا السجن ونجاهد في سبيل الله ونحرر المسجد الأقصى أولاً؟

يقول عنه أحد رفقائه: رحلوني لعنبر عبدالرحمن في سجن الزقازيق في فترة سجن عبدالرحمن الأولى قبل الحكم بالإعدام، كان دائماً مبتسماً ورجلاً بمعنى الكلمة في أخلاقه واحترامه وضحكته وغيرته على دينه، لم يسمح لي زبانية السجن عند نقلي بأخذ ملابسي ومقتنياتي، فاستقبلني عبدالرحمن بابتسامة حبيبة وأخرج لي بعض ملابسه ومنشفة وقام باعطائها لي. السجن وضيقه يفرز معادن الرجال، وكان عبدالرحمن رجل عنده دين وأخلاق، بصراحة هو شهم وجدع ورجل.

بتاريخ 19 أكتوبر 2017، أحالت محكمة جنايات السويس العسكرية عبد الرحمن للمفتي، والذي وافق على الإعدام بتاريخ 14 نوفمبر 2017، ليتأكد الحكم في 11 ديسمبر 2017، لتتبقى مرحلة الطعن العسكري والذي لم يعلم عبد الرحمن برفضها إلا عند استدعائه لمولده الجديد.

المشهد الخامس: يصل عبدالرحمن إلى غرفة الإعدام

ويعتلي المكان المخصص لعمليات تنفيذ الإعدام، لم يكن يعلم مما يخاف المجرمون وهو الأسير بأعينهم وهم الأحرار، سأل عبدالرحمن ربه التثبيت وحسن اللقاء، وأنقل ها هنا نص ما حدث:

تقدم له شيخ قد أتوا به من وزارة الأوقاف ليقول له: قل لا إله إلا الله.

رد عليه عبدالرحمن: بل قولها أنت، “أنتوا متعرفوش حاجه عن ربنا وانتو بكده بتنفذوا حكم ظلم وبتساعدو الطاغوت السيسي وده حرام”.

قال موظف الأوقاف: تُب.

فرد عبدالرحمن: “توبوا انتوا الأول”، ثم التفت برأسه إلى رئيس المباحث أحمد وقال له “ده حرام يا أحمد، وظلم وأنتوا بنتصروا الطاغوت السيسي مش ربنا، وربنا هينتقم منك” ثم أخذ يبث فيهم كلماته الأخيرة حتى لا يكون لهم حجة أمام الله يوم القصاص الحق.

أصدر الأمر بتنفيذ الحكم، ابتسم أحمد ودعا لأحبته ونطق بالشهادة…

وأشرقت شمس عبدالرحمن الجبرتي.

وفي أحد عنابر السجن أرجع أحدهم لأصدقائه نظارة عبدالرحمن وخاتمه وملابسه.

وتلقت خطيبته ووالدته والأسرة خبر الإعدام، ليزفه أحبته إلى القبر بالتكبير.

بلغ خبره الآفاق فيحج عنه أحد المجهولين داعياً ربه لعبده.

المشهد السادس والأخير: يشرق فجر يوم جديد 

فجر يرافقه صوت ينبعث من بين شواهد قبور تلك البقعة الساكنة من الأرض، هناك وأمام قبر كُتب على شاهده “أبو قلب طيب” كان يجلس طفل صغير ينصت بانتباه لأبيه وهو يقص عليه قصة عبدالرحمن أمام شاهد قبره، تراقب عينا الطفل مقلتي أبيه وهما تلمعان مع كل جملة، فهاهنا معانٍ للحب والحزن والعزة، وفي القصة معالم لطريق للدفع بين الحق والباطل.

يحتضن الأب كفيّ ابنه في رقة وعزم قائلاً: أشهد الله أمامك يا بني، أن عبدالرحمن قد عاش مجاهداً صابراً محتسباً، عاش في سبيله مبتغياً إعلاء كلمة الحق، وكان دائماً يقول “طول ما لسه فيّ نفس يبقى لسه لي دور ورسالة لازم أتمها على أكمل وجه”.

ابتسم الابن وقد التمعت عيناه بصدق الرسالة.

وختاماً إلى كل حزين، لا أجد ما أقوله لكم إلا قول الله عز وجل لنبيه في كتابه الكريم:

“فاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا”

والقصة مبتنتهيش

………………………………

هيثم غنيم

نشرت بتاريخ 28 نوفمبر 2018